قرأت إقتباس مجهول المصدر و لكنّ كل حرف فيه وجد مكانه بداخلي.. وألهمني لكتابة هذا المقال.
“I lived so carefully, thinking someone was watching. But the stage was empty, the audience never came.”
عشتُ حياتي بكل حذر، ظناً مني ان هناك من يُشاهدني، ولكن الحقيقة أن المسرح كان خالي، والجمهور لم يأتي قط.
الحياة تُرغمنا احياناً على لبس بعض الأقنعة لمواجهة بعض الاحداث فنظن حينها ان هناك مُراقب، وحاكم، و مُصفق، فنُعد انفسنا للعرض بأوجه لا تُجيد التمثيل متناسين ان الصدق هويتنا والحقيقة رؤيتنا. ولأن الحقيقة أصعب من الاحتمال، والصدق أعمق من المجاملة، لا يحتملنا هذا العالم إلا بأقنعة. فنقوم بإرتدائها حماية لأنفسنا ومجاملة لغيرنا، فنرتديها في بعض المواقف والأحيان ثم تكثُر المواقف و تكثُر معها هذه الأقنعة حتى تُصبح جزء لا يتجزأ منّا، فعندما نخلعها نرى الاختلاف، وعندما نرتديها نشعر بالارتياح، فتصبح علينا عبئاً بعد ان كانت لنا مَهرب.
ولكن؛ كل هذا ليس سوى جريمة نرتكبها بحق أنفسنا نقتل فيها كل مرة جزءاً منّا، خشيةً من أن يُقابل هذا الجزء بالنبذ والرفض والنقد. والحقيقة ان كل هذا لا يُغير بنا شيئاً بل يزيدنا بُعداً حتى نصل لحالة نرى بها أنفسنا من عيون الآخرين التي لم تكن عادلةً قط.
يقول دوستوفيسكي في رواية الجريمة والعقاب :
“Your worst sin is that you have destroyed and betrayed yourself for nothing.”
نص بسيط يتمحور حول فكرة القتل الذاتي للأحلام والمبادئ، وخيانة الذات بلا مبررات
تدريجيًا نكتشف أن العيون التي خفنا من نقدها لم ترانا، وأن الجمهور الذي كنا نُتقن التمثيل لأجله… لم يحضر. كنا نعيش في وهم النظرات، وهم الأحكام، وهم التصفيق. نبني أقفاصنا بأنفسنا، ونقفل أبوابها بإرداتنا.
فلِمَ خنّا أنفسنا طواعية؟
ولِمَ حملنا وجوهًا لا تُشبه أرواحنا، وسِرنا بها في طرقٍ لم يُشاهدنا فيها أحد؟
ربما لم تكن المسألة في الجمهور، ولا في الأقنعة، بل … في خوفنا من أن نُرى كما نحن. وربما، قد آن الأوان لنتوقّف عن طلب التصفيق، ونمنح أنفسنا أخيرًا شرف الظهور بلا تكلف.
“I was ashamed of myself when I realized life was a costume party, and I attended with my real face”
— Franz Kafka
كافكا لم يكن أحمقًا، بل نادرًا. دخل حفلة الحياة بوجهه الحقيقي، لا لأنه لم يفهم اللعبة… بل لأنه لم يرغب باللعب أصلاً. لانه و في عالم مهووس بالأقنعة، يكفي أن تكون حقيقيًا لتُصبح الاستثناء، حتى لو دفعت الثمن خزيًا في البداية. فالصادق لا يُفهم أولاً، ولا يُنسى أبداً.
لذا، ما عاد الخوف من الظهور على حقيقتنا مبرّرًا. فمن لم يحتمل وجهك العاري من التكلّف، لا يستحق دفء حضورك، ولا نقاء قُربك.
فالنجاة لم تكن يومًا في التصفيق… بل في أن تُرى كما أنت، بلا قناع، وتظل مُخلصًا لنفسك مهما ابتعد الآخرون.
Stay loyal to yourself. With sincere love and appreciation
— Rana
صدقتي
يمكن من أحد الأسباب هو ان البعض يخاف يكون بصورته الحقيقية وماتناسب المجتمع او الناس اللي حوله ف يوهم نفسه ان هذا الحل الصح وبالحقيقة محد يهتم
ما أروع مقالك يا رنا، من أحزن الأمور أن حتى لو أنتِ ذاتكِ لم ترتدي القناع، من حولك جميعهم يرتدونه